الجمعة، سبتمبر 14

نسبية أينشتاين والطريق المسدود؟


ظهرت نظرية النسبية الخاصة سنة 1905 ثم من بعدها بعشر سنوات ظهرت النسبية العامة سنة 1915 نتيجة رفض فكرة الفضاء المطلق من وجهة نظر فيزيائية، واعتبار نسبية الزمان وانحنائية المكان وبأن سرعة الضوء هي أعلى سرعة ممكنة في الوجود، وليس بالإمكان فصل الزمان عن المكان لاندماجهما الكلي في بعضهما البعض عكس النظريات القديمة التي تعتبر الزمان مطلقا تتأثر بواسطته الظواهر والأشياء المتحركة فيه، وتفرق بين الزمان والمكان واصفة الأول باتجاه وعدم قابليته للإعادة وواصفة الثاني بتساوي الاتجاه، إذن فنظرية النسبية العامة تستند على مفاهيم مختلفة جذريا عن تلك المتعلقة بالجاذبية النيوتونية، وتنص في جزء منها على أن الجاذبية ليست قوة بل هي مظهر من مظاهر انحناء الفضاء من حيث الزمكان، وبكل اختصار وبعيدا عن التعقيدات الفلكية والرياضية والفيزيائية يمكن تعريف النسبية كما عرفها أينشتاين نفسه هي كمن  يضع يده على مقلاة لدقيقة ويبدو له أن الأمر
استغرق ساعة، ثم يجلس قرب فتاة حسناء مدة ساعة ويبدو له أن الأمر لم يستغرق سوى دقيقة.


لقد كان للنسبية آثار عظيمة  على النظرية القديمة للجاذبية التي صاغها إسحاق نيوتن منذ 250 سنة  خلت ووصف فيها تلك القوة التي تتحكم في دوران الكواكب وسقوط التفاحة، حيث استطاع ألبرت أينشتاين خلال عشر سنوات من الجهد المتواصل أن يجد الجواب الشافي بواسطة معادلة رياضية غاية في التعقيد لكنها مقنعة للعقول الرياضية بدرجة كبيرة، ومنذ ذلك الوقت لم يعد العلماء الفيزيائيون يعتبرون بأن حقل الجاذبية الموجود في أي نقطة من الفضاء تعينه الكتلة أو بصريح العبارة توزيع المادة الموجودة في ذلك الفضاء، بل هنالك تكافؤ بين الطاقة والكتلة وبأن جميع القوى لها تأثير على حقل الجاذبية بما في ذلك الطاقة الكهرومغناطيسية، وحسب نظرية أينشتاين هذه من المفترض أن تشكل المادة السوداء 83 % من كتلة الكون، وهي شكل غير مُحدّد حالياً من أشكال الطاقة التي تتحكم بالكون، ويعتقد علماء الفلك بوجود هذه القوة وبأنها تملأ الكون بنسبة عالية وأنها تتمتع بضغط سلبي يعبّر عن نفسه باعتباره قوة تنافرية معاكسة للجاذبية الكونية، بالرغم من أن أحدا لم يرها يوما على الإطلاق، وذلك ليس راجع لانعدام محاولات إثبات ذلك منذ ما يقارب من 100 سنة بواسطة الأجهزة الأكثر تطورا في العالم والعقول النيرة الأرفع  تكوينا في علوم الرياضيات والفيزياء والفلك، فهل تم بالفعل اكتشاف ولو عنصرا واحدا ملموسا يضفي مصداقية على وجودها الحقيقي؟ لم يحدث ذلك إطلاقا في أي وقت من الأوقات.
وإذا كان العلماء قد بحثوا عن مادة ألبرت أينشتاين السوداء بكل قوة ونشاط لدرجة الهوس الذي استتبعه اليأس أخيرا، فلأنه بدون وجودها سوف يتداعى البناء النظري الرياضي الجميل لنظرية أينشتاين كما تتداعى الكتل الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي للكرة الأرضية حاليا تحت تأثير الاحتباس الحراري، لدرجة أنه لم يعد خافيا بين أوساط المستويات العليا استعداد بعض علماء الفيزياء الأساسية لتشييع جنازة قرن من علم الكوسمولوجيا من بعدما يئسوا من إثبات وجود المادة السوداء، وفي هذا السياق كان للاكتشاف المذهل لأحد الفيزيائيين الأمريكيين  صدى القنبلة، لأن هذا العالم الأمريكي قام بدراسة 47 مجرة وبدا له في النهاية أنها جميعها تخضع لقانون غير منسجم بتاتا مع وجود هذه المادة السوداء العجيبة، وأن هذه المجرات تخضع لقانون عالمي حتى وإن لم يَسْمُ إلى مستوى النظرية ظهر إلى الوجود بصورة متحفظة منذ سنة 1977  عن طريق الفلكيان 'برينت تولي' و 'ريتشارد فيتشر'، ثم أكدها بصورة مبرهنة وموثقة توثيقا علميا دقيقا الفلكي 'ستيسي ماكوغ' في عدة دراسات طيلة الفترة الممتدة من سنة 1994 حتى سنة 2011، ويعتبر هذا القانون الفيزيائي الجديد أنه بغض النظر على شكل أية مجرة فإن كتلتها الظاهرة تتناسب تناسبا مع سرعة النجوم المتواجدة داخل هذه المجرة والكل أس أربعة،  مناقضة بذلك معادلات ألبرت أينشتاين الشهيرة، والخطير في الأمر هو أن الشذوذ عن نظرية الكسمولوجيا المركزية ينذر بتداعي نظرية النسبية العامة، وفي حال الاعتراف الصريح والرسمي على المستوى العالمي بهذا القانون، الذي ما زال يجب أن يرقى إلى مستوى نظرية متكاملة كما هو الحال بالنسبة لنظرية النسبية، كي يمحو أي أثر للمادة السوداء من الكون، سوف يكون لا محالة بمثابة الضربة القاسمة لنظرية ألبرت أينشتاين وانقلابا لم يسبق له نظير في عالم الفيزياء منذ ما يقارب من 100 سنة، فهل حان الوقت لإعادة النظر في المعادلات المقدسة لألبرت أينشتاين التي صمدت طوال هذه المدة داخل نظرية فيزيائية متكاملة وصلبة سواء بهجرها وإعادة بناء نظرية جديدة متكاملة من الصفر على أنقضاها أو في أيسر الأحوال محاولة إزالة أي أثر للشذوذ فيها تبعا للاكتشافات الأخيرة؟، غير أنه من أجل الحسم في هذه المسألة يبدو أن  الأمر يتطلب انتظار ما ستسفر عنه نتائج عدة بحوث جارية الآن على قدم وساق وذلك خلال فترة أقصاها خمس سنوات كما يؤكد الفيزيائيون والفلكيون.
 إن العلم لا يسعى إلى إظهار حقائق أبدية أو عقائد غير قابلة للتغيير، وبعيدا عن زعم أن كل مرحلة هي نهائية وقال فيها العلم كلمته الأخيرة، فهو يبحث على تحديد الحقيقة عن طريق التخمينات المتتالية كما جاء على لسان الفيلسوف والرياضي البريطاني 'بيرتراند راسل'، ولأن دوام الحال من المحال فكل شيء في هذا الكون نسبي حتى ما يمكن اعتباره حقائق ثابتة لا تقبل الجدل، في حين  أن الحقيقة المطلقة الوحيدة تكمن في مكان آخر لا تدركه لا العقول ولا الأجهزة الأكثر تطورا على سطح الكوكب.
وكيفما كانت نتائج ما ستأتي به السنوات القادمة من جديد فإن ألبرت أينشتاين سيبقى اسما خالدا في سماء عباقرة العالم الذين تركوا بصمات بارزة مكتوبة بأحرف من ذهب في سجل التاريخ البشري، وأختتم هذه المقالة ببعض من أقواله النابعة من فكر ذكي متقد ومتنور بدرجة كبيرة ولكنه فكر إنساني بدرجة كبيرة كذلك:
"الخيال أكثر أهمية من المعرفة"
"الإنسان الحر الخلاق هو الذي يشكل الجميل والسامي في حين أن جموع الجماهير تبقى مجرورة في جولة جهنمية من البلاهة والغباء"
"الحياة كالدراجة الهوائية، يجب التقدم إلى الأمام لتجنب فقدان التوازن"
"ضع يدك على مقلاة لدقيقة ويبدو لك أن الأمر استغرق ساعة، واجلس قرب فتاة حسناء مدة ساعة ويبدو لك أن الأمر لم يستغرق سوى دقيقة، هذه هي النسبية"
"لا تحاول أن تصبح رجلا ناجحا، حاول أن تكون رجلا ذا قيمة"
"لقد أصبح واضحا للأسف أن تكنولوجيتنا تجاوزت إنسانيتنا"
"المعرفة تكتسب من خلال التجربة، أما الباقي فهو مجرد معلومات"
"الأرواح العظيمة تجد دائما معارضة شرسة من طرف الأرواح الضعيفة"
"النظرية هي عندما نعرف كل شيء ولا شيء يعمل، والممارسة هي عندما يعمل كل شيء ولا أحد يعرف لماذا، هنا جمعنا بين النظرية والممارسة أي لا شيء يعمل ولا أحد يعرف لماذا"
"أن تكون عضوا لا يرقى إليه أدنى شك في مجتمع من الخرفان يجب عليك أن تكون خروفا"
"ليس هنالك سوى شيئان لا حدود لهما: الكون والغباء البشري، ولكن فيما يخص الكون ليس لدي اليقين المطلق"
"التقدم التقني هو كوضع فأس في يدي مختل عقلي"
"المهم لا يمكن دائما احتسابه وما يمكن احتسابه لا يهم بالضرورة"
"أصعب شيء يستعصي على الفهم في العالم هو الضريبة على الدخل"
"قيمة الإنسان تكمن في قدرته على العطاء وليس في قدرته على الأخذ"
"مشكلة بدون حل هي مشكلة مطروحة بشكل سيء"
"التقدم كلمة جوفاء لا معنى لها مادام هناك أطفال بؤساء"
"هدف المدرسة هو إعطاء التلاميذ شخصية متناغمة ومتناسقة وليس تكوينهم كمتخصصين"
"الرجل الانفرادي يفكر وحده ويبتكر قيما جديدة للمجتمع"
"ما يجعل للإنسان قيمته الحقيقية هو تخلصه من أناه الصغيرة"
"لا تفعل أي شيء يناقض ضميرك حتى ولو طلبت الدولة منك ذلك"
"لن يُدَمّرَ العالم بواسطة أولئك الذين يرتكبون أفعال الشر، بل من قبل أولئك الذين يتفرجون على ذلك ولا يحركون ساكنا"
"لتكن A هي النجاح في الحياة إذن: z+y+x=A بحيث x= العمل، y=الاستمتاع، z=الصمت"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق