الجمعة، مارس 30

خطوات حل المشكلات ...للغزالي و ديل كارنيجى


خطوات حل المشكلات ...للغزالي و  ديل كارنيجى
اسم السلسلة: خواطر وتاملات_3
تصدر كتاب دع القلق وابدأ الحياة للكاتب الأمريكي ديل كارنيجى  أرقام مبيعات الكتب في عصره فقد بيعت منه ملايين النسخ في جميع دول  العالم وترجم إلى أكثر من عشرين لغة وقد قام العالم الكبير الشيخ محمد الغزالي رحمه الله بتأليف كتاب على منواله وقد قال في مقدمة كتابه جدد حياتك لقد قرأت كتاب ` دع القلق وابد أ الحياة ` للعلامة `ديل كارنيجى` الذى عربه الأستاذ عبد المنعم الزيادى ? فعزمت فور انتهائي منه أن أرد الكتاب إلى أصوله الإسلامية`!!. لا لأن الكاتب الذكي نقل شيئاً عن ديننا ? بل لأن الخلاصات التى أثبتها بعد استقراء جيد لأقوال الفلاسفة والمربين وأحوال الخاصة والعامة تتفق من وجوه لا حصر لها مع الآيات الثابتة في قرآننا والأحاديث المأثورة عن نبينا.
إن المؤلف لا يعرف الإسلام ولو عرفه لنقل منه دلائل تشهد للحقائق التي قررها أضعاف ما نقل من أي مصدر آخر . إن الفطرة السليمة سجلت وصاياها في هذا الكتاب بعد تجارب واختبارات ? وما  انتهت من تسجيله جاء صورة أخرى للحكم التى جرت على لسان النبى العربى الكريم محمد بن عبد الله منذ قرون. وبذلك اتفق وحى التجربة ووحي السماء.  
فلا مكان إذاً للمقارنة بين دين الله ? وبين جهود فرد بعينه أو مدرسة بأسرها ? إلا أن تساق هذه الجهود المشكورة على أنها أمثلة فحسب للقواعد التي سبق الإسلام إلى تمهيدها ? وذكر أن وقائع الحياة ستؤكدها على حد قوله جل شأنه: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق وأمر ثان أشير إليه: إن مشاعر التعصب لجنس من الأجناس ماتت في دمى لأني مسلم ? غير أن التحمس للعروبة وأدبها غلبني في هذه الآونة ? إذ أحسست كأن التضحية بالعرب ولغتهم بعض ما تكنه السياسة الدولية في
ضميرها الملوث؟ وبعض ما تسخر له أتباعها وأذنابها في ربوع بلاد الإسلام.
خطوات حل المشكلة:
 قال `ديل كارنيجى`: “بقى أن نتعلم الخطوات الثلاث التي يجب اتخاذها لتحليل مشكلة ما والقضاء عليها ? وهذه الخطوات هي : 
 1استخلص الحقائق
2حلل هذه الحقائق
3اتخذ قرارا حاسماً ثم اعمل بمقتضى هذا القرار . وقال: “إنه لا .  مناص من اتخاذ هذه الخطوات إذا كان علينا أن نحل المشكلات التي تعيينا ? والتي تحيل أيامنا وليالينا جحيماً لا يطاق” . أجل لا مناص من ذلك. والخطوة الأولى تفرض علينا التأمل الهادئ فيما حولنا لتجميع الحقائق الواضحة ? وإرساء سلوكنا على قواعدها . ولم هذه الحقائق واجب ? وإن كان صعباً على الإنسان . ولكن لماذا يكون ذلك صعبا على الإنسان؟ ?  لأن حب الشيء يعمى ويصم ? وكذلك كرهه ? ومن ثم قيل:
 وعين الرضا عن كل عيب كليلة ولكن عين المقت تبدى المساويا ومثل المحبة والكراهية أغلب الانفعالات النفسية التي تسيطر على تفكير المرء ? وتجعله يلون الحياة بإحساسه الخاص ? فلا يستطيع أن يراها كما هي . وقد يضل المرء عن الحقيقة لانطوائه مع عرف سائد ? أو لاسترساله مع نظرة سابقة لا أساس لها.
وإذا خُدع المرء أبدا عن الحقيقة ؛ فكيف يوفق إلى حل صحيح لمشكلات الحياة التي تلاقيه؟!.
 واندراج الناس في مهاوي الغفلة وهم لا يشعرون هو حكمة ختم آيات كثيرة جدا فى “ القرآن الكريم بهذا التذييل: “كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون “ . “أفلا تذكرون “ ?
كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون” . وكأن ` ديل كارنيجى ` يشرح هذه الآيات إذ يقول:
“إننا قلما نعنى بالحقائق ? وإذا حدث أن حاول أحدنا استخلاص الحقائق فإنه يتصيد منها ما يعضد الفكرة الراسخة في ذهنه ولا يبالى بما ينقضها ? أي أنه يسعى إلى الحقائق التي تسوغ عمله ? وتتسق مع أمانيه ? وتتفق مع الحلول السطحية التي يرتجلها . قال ` أندريه موروا `: كل ما يتفق مع ميولنا ورغباتنا الخاصة يبدو معقولا في أعينينا . أما ما يناقض رغباتنا فإنه يشعلنا غضبا. فهل من المستغرب والحالة هذه أن يصعب علينا الوصول إلى حل مشكلاتنا ? أو لسنا نسخر من الذي يحل مسألة حسابية بسيطة مفترضا أن اثنين زائد اثنين يساوى خمسة ؟! ومع ذلك فإن كثيرا من الناس يجعلون حياتهم سعيرا   بإصرارهم على أن مجموع اثنين واثنين هو خمسة ? وربما خمسمائة ؟!. فما العلاج ؟. العلاج أن نفصل بين عاطفتنا وتفكيرنا ? وأن نستخلص الحقائق المجردة بطريقة محايدة “ . والخطوة التالية لجمع الحقائق استشعار السكينة التامة في تلقيها ? وضبط النفس أمام ما يظهر محيرا أو مروعا منها ? فإن الفرق من الأحداث ينتهي حتما بالغرق في لجتها . وحياة عدد كبير من القادة والأبطال تحفل بالمآزق التي  لم ينج منها إلا تقييد الرهبة وإطلاق العقل.
. قد يجد المرء نفسه أمام سلسلة من الفروض المقترحة للخروج من أزمة طارئة ? وقد يقلب النظر فيها فيجد أن أحلاها مر ? وقد يكون كالمستجير من الرمضاء بالنار ? وقد يدور حول نفسه لا يرى مخلصا ? أو يرى المخلص فادح التضحية.ومثل هذه الأفكار القاتمة تتكاثر وتتراكم مع ضعف الثقة بالله وبالنفس . أما المؤمن فهو يختار أقرب الفروض إلى السكينة والرشد ? ثم يقدم وهو لا يبالى ما يحدث بعد ذلك ? وعلى لسانه هذه الآية : “
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون “ . وما أكثر أن تتبخر خواطر السوء ووساوس الضعف ? ويتكشف أن الإنسان يبتلى بالأوهام أكثر مما يبتلى بالحقائق ? وينهزم من داخل نفسه قبل أن تهزمه وقائع الحياة : “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم والى هذا يشير المتنبى بقوله  
وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى وما الأمن إلا ما رآه الفتى أمنا
فإذا عرف الإنسان الحقائق المتصلة به ? وسبر غورها جميعا دون دهشة أو روع ? بقيت أمامه الخطوة الأخيرة ؛ وهى أن يتصرف بحزم وقوة ? وأن ينفذ القرار الذي انتهى إليه بعزم صادق .
أعرف كثيرا من الناس لا يعوزهم الرأى الصائب ? فلهم من الفطنة ما يكشف أمامهم خوافي الأمور .
بيد أنهم لا يستفيدون شيئا من هذه الفطنة لأنهم محرومون من قوة الإقدام ? فيبقون في مكانهم محسورين بين مشاعر الحيرة والارتباك . وقد كره العقلاء هذه الضرب من الخور والإحجام : إذا كنت ذا رأى فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا أجل.فإن للبحث والتبصر أجلا يتضح بعده كل شىء ? ولا يبقى مكان إلا للعمل السريع وفق ما هدت إليه الروية واستبانه الصواب ? وقد قال الله عز وجل : “وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين “ . إن مرحلة المشورة في أمر ما لا يجوز أن تستمرأبدا ? بل هى حلقة تسلم إلى ما بعدها من عمل  واجب . فإذا تقرر العمل ? فلنمضي فى إتمامه قدماً ? ولنقهر علل القعود والخوف ? ولنستعن بالله حتى نفرغ منه . قال ` ديل كارنيجى `: “سألت وايت فلبس `  أحد رجال الأعمال البارزين  : كيف كنت تنفذ قراراتك؟ فأجاب: لقد وجدت أن التفكير المستمر في مشكلة ما إلى أبعد من مدى معين يخلق القلق ? ويولد الاضطراب ? فإنه يأتى وقت  تصبح فيه المداومة على التفكير ضررا يجب اجتنابه ? فمتى اتخذت قرارا عمدت إلى تنفيذه دون أن أتطلع البتة إلى الوراء. وقال ` وليم جيمس `: عندما تصل إلى قرار وتشرع فى تنفيذه ضع نصب عينيك الحصول على نتيجة ? ولا تهتم لغير هذا. يقصد أنك لا تتردد ولا تحجم ولا تخلق لنفسك الشكوك والأوهام. ولا تعاود النظر إلى الوراء ? بل أقدم على إنفاذ قرارك غير هياب ولا وجل”. والحق أن الرجولات الضخمة لا تعرف إلا في ميدان الجرأة.
وأن المجد والنجاح والإنتاج تظل أحلاماً لذيذة في نفوس أصحابها ? وما تتحول حقائق حية إلا إذا نفخ فيها العاملون من روحهم ? ووصلوها بما في الدنيا من حس وحركة. وكما أن التردد خدش في الرجولة فهو تهمة للإيمان ? وقد كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع عن القتال بعدما ارتأت كثرة الصحابة المصير إليه. فقد كان من رأيه عندما بلغ المشركون جبل ` أحد ` أن يدعهم يدخلون المدينة ثم يقاتلهم في دروبها ? ورأى جمهور الشباب أن يخرجوا إليهم فيقاتلوهم دون الجبل ? واستطاعوا بكثرتهم وحماستهم أن يوجهوا النفوس إلى هذا القرار ? فنزل النبى عنده ? واتخذ الأهبة لمناجزة العدو خارج المدينة. وأحس أولئك كأنهم استكرهوا النبى على غير ما يرى ? فاقترحوا مرة أخرى أن يدور القتال في المدينة نفسها ? ولكن النبي رفض هذا التراجع ? وأبى أن تصطبغ شئونه بطابع التردد ? أو التأرجح بين إرادات شتى ? فقال. كلمة حاسمة: ` ما كان لنبي أن يلبس لامته ثم يرجع حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ? فلندرس مواقفنا في الحياة بذكاء ? ولنرسم منهاجنا للمستقبل على بصيرة ? ثم لنرم بصدورنا إلى الأمام ? لا تثنينا عقبة ? ولا يلوينا توجس. ولنثق بأن الله يحب منا هذا المضاء ? لأنه يكره الجبناء ? ويكفل المتوكلين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق