‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاملات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاملات. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، نوفمبر 8

هل أنت صادق ؟



سؤال سوف يجيب عليه الكل بنعم .. فكل واحد يتصور أنه صادق و انه لا يكذب .. و قد يعترف أحدهم بكذبة أو بكذبتين و يعتبر نفسه بلغ الغاية منالدقة و الصراحة مع النفس و انه أدلى بحقيقة لا تقبل مراجعة و مع ذلك فدعونا نراجع معا هذا الإدعاء العريض و سوف نكتشف أن الصدق شيء نادر جدا .. و أن الصادق الحقيقي يكاد يكون غير موجود و أكثرنا في الواقع مغشوش في نفسه حينما يتصور انه من أهل الصدق بل إننا نبدأ في الكذب من لحظة أن نتيقظ في الصباح و قبل أن نفتح فمنا بكلمة أحيانا تكون مجرد تسريحة الشعر التي نختارها كذبة الكهل الذي يسرح شعره خنافس ليبدو أصغر من سنه يكذب , و المرأة العجوز التي تصبغ شعرها لتبدو أصغر من سنها تكذب و الباروكة على رأس الأصلع كذبة و طقم الأسنان في فم الأهتم كذبة  و البدلة السبور الخفيفة التي تخفي تحتها فانلة صوف كذبة و الكورسيه و المشدات حول البطن المترهلة كذبة و  المكياج الذي يحاول صاحبه إن يخفي به التجاعيد هو نوع آخر من الكذب الصامت و البودرة و الأحمر و الكحل و الريميل والرموش الصناعية .. كلها أكاذيب ينطق بها لسان الحال

السبت، أكتوبر 22

الوطن

الوطن رقعة جغرافية لا يهمّ موقعها على الخريطة
المهم أن تعيش فوقها بعزة وكرامة
الوطن مائدة كبيرة نأكل عليها الخبز مغموسا في العزة والكرامة
الوطن هو ذلك المكان الذي تشعر فيه بأنك إنسان وليس كائنا آخر
الوطن هو ذلك المكان الذي عندما تمرض فيه
تجد لك مكانا على أحد الأسرة في مستشفى عمومي
وتحظى بالرعاية والعناية من طرف الأطباء والممرضين
عوض أن تحظى بالإهمال الفظيع
الوطن رقعة جغرافية يعيش فيها الجميع متساوين
بالمعنى الحقيقي للمساواة
وراية وحدود جغرافية مرسومة بعناية، وطابع بريدي
الوطن الذي يعاني مواطنوه من نقص مزمن في العزة والكرامة ليس وطنا
بالمعنى الحقيقي لكلمة وطن
ولو كانت لديه عملة خاصة…

الواقع الكاذب - د/ مصطفى محمود



ما نراه في الواقع ليس دائما هو الحقيقة..
حتى ما نراه رأي العين و نلمسه لمس اليد..
فنحن نرى الشمس بأعيننا تدور كل يوم حول الأرض، و مع ذلك فالحقيقة أن العكس هو الصحيح، و الأرض هي التي تدور حول الشمس.
و نحن نرى القمر في السماء أكبر الكواكب حجما، مع أنه أصغرها حجما.
و نحن نلمس الحديد فنشعر بأنه صلب متدامج، مع أنه في الحقيقة عبارة عن ذرات منثورة في فراغ مخلخل، و بين الذرة و الذرة كما بين نجوم السماء بعدا.. و ما يخيل لنا باللمس أنه صلابة و تدامج هو في الحقيقة قوى الجذب المغناطيسي الكهربائي بين الذرة و الذرة.. نحن نلمس القوانين بأصابعنا و ليس الحديد.
و نحن ننظر إلى السماء على أنها فوق، و الأرض على أنها تحت، مع أنه لا يوجد فوق و لا تحت.. و السماء تحيط بالأرض من كل جوانبها.
و الهرم بالنسبة لنا شيء لا يمكن اختراقه، مع أنه بالنسبة للأشعة الكونية شفاف كلوح الزجاج، ترى من خلاله و تنفذ من خلاله.
و صقيع القطبين الذي نظن أنه غاية في البرودة هو بالنسبة لبرودة أعماق الفضاء جحيم ملتهب.

و في الحقائق الإنسانية تكذب علينا العين و اللسان و الأذن أكثر و أكثر.. فالقبلة التي تصورناها في البداية مشروع حب نكتشف في النهاية أنها كانت مشروع سرقة.
و جريمة القتل التي أحس الجميع بأنها ذروة الكراهية يكتشف الجميع أنها ذروة الحب.
و ما قد يبدو للزوج أنه خيانة من زوجته لفرط إحساسها بجمالها قد يكون الدافع الحقيقي له هو إحساس الزوجة بقبحها و شعورها بالنقص، تحاول الخلاص منه باستدراج إعجاب الرجال، و الانتقال من خيانة إلى أخرى.
و ما تكتب عنه الجرائد بالإجماع على أنه بطولة قد يعلم البطل نفسه أنه كان انتحارا.

و في الحقائق الاجتماعية تتعقد الأمور أكثر، و يغرق الحق في شبكة من التزييف تشترك فيها كل الإرادات، و يصبح الحكم على الأمور بظاهرها سذاجة لا حد لها.
و في الحقائق التاريخية يكتب المؤرخون في كل عصر و من ورائهم السلطة، و تكتب أقلامهم ما يريد الأقوياء أن يقولوا.
و ما أصعب الوصول إلى الحقيقة..
إن الوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى حقيقة أكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذتك.. بل إن الوصول إلى أبعد نجم في متاهات الفضاء أسهل من الوصول إلى حقيقة ما يهمس في قلب امرأة على بعد شبر منك.
بل إن عقولنا تزين علينا حتى عواطفنا نفسها، فنظن أن حب المجد يدفعنا و الحقيقة أنه الغرور و حب الذات.. و نظن أن العدالة هي التي تدفعنا إلى القسوة في حين أن الذي يدفعنا هو الحسد و الحقد.
من الذي يستطيع أن يقول.. لقد أدركت الحقيقة؟
من الذي يجرؤ أن يدعي أنه عرف نفسه؟
ليس من باب التواضع أن نقول.. الله أعلم.
و إنما هي الحقيقة الوحيدة الأكيدة في الدنيا.. إننا نجهل كل الجهل حتى ما يجري تحت أسماعنا و أبصارنا.
و برغم جهلنا يتعصب كل فريق لرأي.. و قد تصور كل واحد أنه امتلك الحق، فراح ينصب المشانق و المحارق للآخرين.
و لو أدركنا جهلنا و قدرنا لانفتح باب الرحمة و الحب في قلوبنا، و لأصبحت الحياة على الأرض جديرة بأن نحياها.
متى نعرف أنا لا نعرف؟!

الثلاثاء، أكتوبر 11

دوائر الزمان


الثــروة تغـير كل شـيء
وعندما يتقدم الناس في السن تبدأ الحسابات
ويبدأ الجمع العد التنازلي لمدة الانتظار
داعين للفقيد بسرعة الزوال والاحتضار 
إذ ليست الثروة وحدها من تُدير ظهرها
فحتى القطط والكلاب تأكل  جثت مربيها
فهل أنت سعيد (سعيدة) لأنك ثري(ة)؟
الثراء ألخصه لك في ثلاث جمل
كلمات كبيرة، مشاعر صغيرة وأفكار حقيرة
فالسعادة ليست في التملك والاستمتاع
بل هي في أن يكون المرء حرا
يكفيني تعاسة شعوري بالوحدة والفراغ
حتى في حضور أقرب المقربين مني
يدور فكري في دوائر متداخلة لا مخرج منها
تبدو من خلالها الحياة مزحة كبيرة
مجــرد مــزحة......

الصامتون والصائتون.. إلى روح الأستاذ أحمد بوكماخ



كلما حضرت مجلسا خطابيا أو اجتماعا ما في إدارة من الإدارات إلا وتذكرت حكاية الثرثار ومحب الاختصار في سلسلة اقرأ للمرحوم الأستاذ أحمد بوكماخ والتي أفتتح بصددها في هذا المقام هذا الاعتراف المتواضع بحق رجل عصامي ليس ككل الرجال، وأقولها بكل صدق "الرحمة لمن علمني".، فلقد كانت نصوصها بحق تزخر بشتى الدروس والعبر مثل "الأمير السعيد"،و"الله يرانا"،و"بائعة الكبريت"، أيام كانت محفظاتنا القديمة المهترئة -ونحن تلامذة في الابتدائي- تحوي فقط كتاب اقرأ وأربعة دفاتر فئة 24 ورقة ولوحة صغيرة وريشتين عربية وفرنسية وقلم رصاص وممحاة ومسطرة، ولم تكن تستر أجسامنا الصغيرة سوى ملابس متواضعة مستعملة لا يرقى ثمنها بالكامل إلى 10 دراهم، وعلى الرغم من ضآلة العدة والعتاد كان المستوى التعليمي آنذاك من أرفع ما عرفه المغرب بعد الاستقلال نظرا للمستوى العالي والرفيع والخلق السوي القويم اللذان كانا يميزان الأسرة التعليمية آنذاك سواء منهم الأجانب أو المغاربة على حد سواء.
وعودة إلى موضوع الثرثار ومحب الاختصار، فلطالما صادفت في حياتي اليومية نماذج من البشر ينقصها الكثير ثم الكثير من التكوين في أدب الحديث والاستماع، فعلى سبيل المثال قد يحدثك شخص في موضوع ما وخلال حديثه يتعبك ويقصفك مرات متتالية دون أن ةيستحيي أو يرمش له جفن بعبارة "واش فهمتي"، وكأنه هو الوحيد الذي يفهم دون

يا صاحبي



يا صاحبي : إنني لست على ما يبدو لك مني، فما مظاهري سوى رداء دقيق الصنع محوك من خيوط التساهل والحسنى، ألتف به ليدرأ عني تطفلك ويقيك من إهمالي وتغافلي، وأما ذاتي الخفية الكبرى التي أدعوها أنا فسر غامض مكنون في أعماق سكون نفسي ولا يدركه أحد سواي، وهناك سيبقى أبدا غامضا مستترا.
يا صاحبي : إنني أود أن لا تصدق ما أقول وأن لا تثق بما أفعل، لأن أقوالي ليست سوى صدى أفكارك، وأفعالي ليست سوى أشباح آمالك.
يا صاحبي : عندما تقول لي : "الريح تهب شرقا" أجيبك على الفور قائلا : "نعم إنها تهب شرقا" لأنني لا أريد أن يخطر لك أن أفكاري السابحة مع أمواج البحر لا تستطيع أن تحلق طائرة على متون الرياح.
أما أنت فقد مزقت الأرياح نسيج أفكارك القديمة البالية فبت قاصرا عن إدراك أفكاري العميقة المرفرفة فوق البحار. وحسن أنك لم تدرك كنهها لأنني أريد أن أمشي على البحر وحدي.
يا صاحبي : عندما تبزغ شمس نهارك تدنو ظلمة ليلي، ومع ذلك فإني أحدثك من وراء ستائر ظلمتي عن أشعة الشمس الذهبية التي ترقص عند الظهيرة على قمم الجبال وعما تحدثه في رقصها من الظلال الظليلة المنسابة إلى الأودية والحقول.
أحدثك عن كل ذلك لأنك لا تستطيع أن تسمع أناشيد ظلمتي ولا أن ترى خفقان جناحي بين النجوم، وما أحلى أنك لا تسمع ولا ترى ذلك لأني أوثر أن أسامر الليل وحدي.
يا صاحبي : عندما تصعد إلى سمائك أهبط إلى جحيمي، ومع أنه تفصلني عنك هوة لا يستطاع عبورها تظل تناديني قائلا "يا رفيقي، يا صاحبي".
فأجيبك : "يا رفيقي، يا صاحبي"، لأنني لا أريد أن ترى جحيمي، فإن لهيبه يحرق باصرتيك ودخانه يسد منخريك، أما أنا فإنني أضن بجحيمي أن يزوره من كان على شاكلتك، لأنني أفضل أن أكون في جحيمي وحدي.
يا صاحبي : أنت تقول إنك تعشق الحق والفضيلة والجمال، وأنا أقول مقتديا بك إنه يليق بالإنسان أن يعشق مثل هذه المناقب، غير أنني أضحك من محبتك في قلبي ساترا ضحكي عنك، لأنني أريد أن أضحك وحدي .
يا صاحبي : إنك رجل فاضل متيقظ حكيم، بل إنك رجل كامل. ولذلك فإني ضنا بكرامتك أخاطبك بحكمة وتيقظ، ولكني مجنون منجذب عن العالم الذي تقطنه أنت إلى عالم غريب بعيد، وإنني أستر عنك جنوني لأنني أود أن أكون مجنونا وحدي.
أنت لست بصاحبي، يا صاح ! ولكن كيف السبيل لإقناعك فتفقه وتفهم ؟ إن طريقي غير طريقك ولكننا نمشي معا جنبا إلى جنب.
جبران خليل جبران