الأربعاء، سبتمبر 12

دوائر النجاح

ما أجمل قول الشاعر:

إذا لم تستطع شيئًا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع


لكل واحد منا في الحياة آفاق متسعة ومتنوعة من الهموم ـ مثل أوضاعنا المادية، صحتنا، أطفالنا، أزواجنا، مشاكلنا في العمل، مشاكلنا العائلية، الحالة الاقتصادية، الحرب النووية ـ كل هذه الأشياء أمور تهمنا في الحياة وتصنع حولنا دائرة تحيط بنا في حياتنا.

وإذا ما نظرت إلى دائرة همومك في الحياة، سيتبين لك أن هناك جزءًا من هذه الهموم ليس لك عليها أي سلطان فعلي، وهناك جزء آخر منها يمكن أن تصنع شيئًا بإزائها.

إذًا فهناك دائرتان من الهموم تحيط بنا؛ دائرة الهموم الكبرى وهي كل الهموم التي تحيط بنا في الحياة، ودائرة أخرى أصغر تقع داخل دائرة الهموم وهي دائرة التأثير والمقصود بها تلك الهموم التي نستطيع صنع شيء بإزائها ولنا قدرة على التأثير فيها.

دائرة التأثير تقع داخل دائرة الهموم، فداخل دائرة التأثير توجد تلك الأمور التي تستطيع أن تصنع بإزائها شيئًا، أما ما خارج دائرة التأثير فهي تلك الهموم التي لا حول لك ولا قوة في مواجهتها، كوقوع حرب مثلاً، أو حدوث زلزال أو غير ذلك.

يركز الأفراد المبادرون طاقاتهم في دائرة التأثير، فهم يبذلون جهدهم في الأشياء التي يمكن لهم فعل شيء إزاءها، ولذا تجد تلك الطاقات تتسع وتتضخم مسببة زيادة دائرة تأثيرهم.

ومن ناحية أخرى نجد أن الأشخاص السلبيين يركزون جهودهم في دائرة الهموم التي لا يستطيعون صنع شئ بإزائها، إنهم يركزون على نقاط الضعف لدى الآخرين وعلى المشكلات المثارة في محيطهم وعلى الظروف التي ليس لهم عليها سلطان، ويسفر عن ذلك توجيه الاتهام وإلقاء اللوم على الآخرين والشعور المتزايد بأنهم ضحايا الظروف، وينجم عن ذلك طاقة سلبية منبعثة من هذا التركيز، هذا بالإضافة إلى تجاهل المجالات التي من الممكن أن يكون لهم فيها نفوذ مما يؤدي في النهاية إلى انكماش دائرة تأثيرهم.

يحكى شين كوفي قصة طريفة حدثت معه عندما كان صغيرًا جعلته يركز أكثر على دائرة تأثيره، فيقول: (عندما كنت أقول: إن مدرس علم الأحياء الجديد فاشل، إنني لن أتعلم منه أبدًا أي شيء، كان أبي يقول: لماذا لا تذهب إلى المدرس وتطرح عليه بعض الاقتراحات؟ أو غيِّر المدرس، أو أحضر مدرسًا خصوصيًّا إذا استدعى الأمر، إذا لم تتعلم الأحياء يا شين فهذا خطؤك أنت، وليس خطأ مدرسك، لم يكن أبي يحررني من المشكلة كان دائمًا يواجهني، يحرص على أنني لا ألوم أي شخص آخر على الطريقة التي اتصرف بها.

كانت فكرة أبي بأني مسئول عن حياتي مسئولية تامة، دواء من الصعب عليَّ ـ كمراهق ـ أن ابتلعه ولكن مع الإدراك مؤخرًا أرى الآن الحكمة وراء ما كان يفعله، لقد أرادني أن أتعلم أن هناك نمطين من الناس في هذا العالم "المبادر والمستجيب" هؤلاء الذين يتحملون مسئولية حياتهم، وهؤلاء الذين يوجهون اللوم للآخرين، هؤلاء الذين يصنعون الأحداث، وهؤلاء الذين تصنعهم الأحداث

محمد العطار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق