الجمعة، أبريل 20

اللهم لك الحمد

 
احببت ان انقل إليكم هذه القصة من كتاب جدد حياتك للشيخ محمد الغزالي رحمه الله
" حكى (ديل كارنيجى)قصة رجل أرهقه الكدح الفاشل , و اضطربت نفسه تحت و طاة الأزمات التي عاناها إلا انه وعى من صور الحياة درسا أخذ بيده إلى النهاية المشرقة و لنسمع إليه يقول : (... كنت خلال العامين السابقين لهذا الحادث أدير محلا للبقالة في مدينة ((وب)) و قد بائت تجارتي بالكساد و فقدت فيها كل ما ادخرته من مال , بل عمدت فوق ذلك للاستدانة حتى لقد استغرق سداد ديوني سبع سنين , و كنت أغلقت محل البقالة قبل ذلك الحادث بأسبوع , و في يوم الحادث اتجهت إلي احد المصارف لاقترض شيئا من المال يعينني على الذهاب إلي مدينة ((كانساس)) للبحث عن عمل فيها .

و بينما أنا أسير في الطريق ذاهلا شارد اللب قد خارمني اليأس وأوشك الإيمان يفارقني , إذ رأيت رجلا مبتور الساقين يريد أن يعبر الطريق ... كان يجلس على عارضة خشبية مزودة بعجلات صغيرة , و يستعين على تسيير هذه العارضة بيديه اللتين امسك بكلتيهما قطعتين من الخشب يستند بهما إلي ارض الشارع (( ليدفع عربته)) هذه إلي الأمام .. و قد التقيت به بعد أن عبر الشارع ثم بعد أن أخذ يحاول رفع خشبته التي يجلس عليها ليعتلي ((الطوار)) فلما اصبح فوقه أدار ((عربته)) الصغيرة ليمضي في سبيله فالتقت عيناه بعيني و ابتسم ابتسامة عريضة مشرقة . ثم قال : سعدت صباحا يا سيدي أنه يوم جميل أليس كذلك ؟
و و قفت مكاني أتطلع إلى هذا الرجل و أدركت كم أنا واسع الغنى .
إن لي ساقين , و أستطيع أن امشي !! "

ما أكثر النعم التي بين أيدينا وإن غفلنا عنها!!
أقليل أن يخرج الإنسان من بيته وهو يهز يديه كلتيهما, ويمشي على الأرض بخطوات ثابتة, ويملأ صدره بالهواء في أنفاس رتيبة عميقة، ويمد بصره الى آفاق الكون، فتنفتح عيناه على الأشعة المنسابة، وتلتقط أذناه ما يموج به العالم من حراك الحياة والأحياء؟
إن هذه العافية التي تمرح في سعتها، وتستمتع بحريتها ليست شيئاً قليلاً!
واذا كنت في ذهول عما أوتيت من صحة في بدنك، وسلامة في أعضائك، واكتمال في حواسك، فاصح على عجل.... وذق طعم الحياة الموفورة التي أتيحت لك، واحمد الله - ولي امرك وولي نعمتك - على هذا الخير الكثير الذي حباك إياه..
ألا تعلم أن هناك خلقاً ابتلوا بفقد هذه النعم، وليس يعلم إلا الله مدى ما يحسونه من ألم؟
منهم من يستجدي الهواء الواسع نفسا يحيى به صدر العليل، فما يعطيه الهواء إلا زفرة وتخرج شاخبة بالدم.
ومنهم من حبس في جلده فما يستطيع حركة بعد أن قيده المرض.
ومنهم من عاش منقوص الأطراف أو المشاعر.
ومنهم من يتلوى من أكل لقمة لأن أجهزته الهاضمة معطوبة، ومنهم، ومنهم.
اذا كنت معافى من هذه الأسقام كلها، فهل تظن القدر زودك بثروة تافهة؟ أومنحك ما لا تحاسب عليه؟ كلا،كلا
إن الله يكلفك بمقدار ما يعطيك.
من الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب وفضة... إن رأس مالك الأصيل جملة المواهب التي سلحك الله بها من ذكاء وقدرة وحرية. وفي طليعة المواهب التي تحصى عليك، وتعتبر من العناصر الاصيلة في ثروتك ما أنعم الله به عليك من صحة سابغة، وعافية تتألق بين رأسك وقدمك، وتتأنق بها في الحياة كيف تشاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق