الثلاثاء، أكتوبر 4

الكاتب المصري أحمد بهجت

 
الكاتب المصري أحمد بهجت
هناك نساء كالمدن..ونساء كالصحراء..
وهناك رجال كالبحار..ورجال كالبحيرات المغلقة..
والمرأة المدينة هي المرأة التي لا تكف عن العطاء، سواء كانت البيوت مسدلة الستائر، أو مفتوحة النوافذ..وسواء كان
هناك صخب أطفال يلعبون، أو هدوء رجل يقرأ..أما المرأة الصحراء فتمشي في فيافيها فلا تقع عيناك على غير كثبان
الرمال، وكلما اشتد بك الظمأ أسرعت نحو هذا السراب الذي تتوهم أنه واحة..ويبتعد الوهم كلما اقتربت منه.
والرجل البحر، هو الرجل ذو السطح الهادئ، الذي لا يكدره شيء، وإن أُلقيت فيه آلاف الأكدار، بل هو الصفاء الذي يصفو به الكدر ذاته..والرجل البحر هو الذي ينطوي داخله على لؤلؤ ينام في محارات الألم، ويخفق فيه الموج - مدا وجزرا - مع حركة النجوم والقمر..
أما الرجل البحيرة، فهو الرجل الراكد المنبسط الآسن، المتوقف وجوده على العمليات الفيزيقية، فهو يأكل ويشرب، وينام ويصحو، ولكنه لا يحلم..وأحيانا يتزوج رجل كالبحر من امرأة كالصحراء..أو تتزوج امرأة كالمدينة من رجل كالبحيرة.. وتختلف النتائج في كل مرة باختلاف الأشخاص..وحين يتزوج رجل كالبحر من امرأة كالصحراء، يضيع ماء البحر في الصحراء ويجف، أو يظل البحر بحرا والصحراء صحراء..يظل هناك فاصل بين البحر والصحراء.
أما المرأة المدينة حين تتزوج من رجل كالبحيرة، فإن النتائج تكون توقف الحركة، وغرق الطرقات، ورشاش الماء الذي تقذفه عجلات السيارات المسرعة.
والجنة على الأرض هي اقتران رجل كالبحر بامرأة كالمدينة، فليس هناك أصفى من مدينة يرقد البحر عند مشارفها، وتهب عليها الرياح البحرية من بوابات الأرض المتصلة بالسماء..
والجحيم على الأرض هو اقتران امرأة كالصحراء برجل كالبحيرة المغلقة..ولقد قيل في حكمة الشعوب: "إن اختيار الرفيق يأتي قبل اختيار الطريق"، ويصدق هذا المثل على العلاقات بين البشر أكثر مما يصدق على أي شيء آخر..
ومن المدهش أن هناك عنصرا خارجيا إذا وُجِدَ أو غاب أَثَّرَ وجوده أو غيبته على الموقف تماما، أن الرجل البحر أو المرأة المدينة يتحولان إلى بحيرة وصحراء إذا فَقَدَا الحب، كما أن الرجل البحيرة والمرأة الصحراء يتحولان إلى العكس إذا عرفا الحب..  مشكلة عويصة أشبه ما تكون بالســر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق